الامارات | المرصد | مسبار الامل
أكد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، أن مهام مشروع «مسبار الأمل» تفتح للبشرية آفاقاً جديدة لدراسة الظاهرة الكونية الربانية، الشفق المتخفي على الكوكب الأحمر.
وقال سموه في تغريدة على «تويتر»، أمس: «(فلا أقسم بالشفق والليل وما وسق والقمر إذا اتسق) صدق الله العظيم.. لأول مرة في تاريخ البشرية يصوّر مسبار الأمل – أول مسبار عربي إسلامي – ظاهرة الشفق المتخفي Discrete Aurora على الكوكب الأحمر.. لنفتح للبشرية آفاقاً جديدة لدراسة هذه الظاهرة الكونية الربانية».
وكشف مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ (مسبار الأمل)، أول مهمة فضائية لاستكشاف الكواكب تقودها دولة عربية، عن الصور الأولى من نوعها التي تبين صورة شاملة لظاهرة الشفق المنفصل «Discrete Aurora» في الغلاف الجوي للمريخ أثناء الليل، باستخدام الأشعة فوق البنفسجية البعيدة (far ultraviolet)، وستسهم الصور الاستثنائية غير المسبوقة في إثراء معارف العلماء والباحثين عند دراسة التفاعلات بين الإشعاع الشمسي والمجال المغناطيسي للمريخ وغلافه الجوي.
وقالت نائب مدير المشروع للشؤون العلمية، المهندسة حصة المطروشي: «تسجيل هذه اللقطات الفريدة للشفق المنفصل لكوكب المريخ، يعد سابقة على مستوى العالم، إذ توفر تفاصيل عالية الدقة وعبر أطوال موجية لم يتم رصدها سابقاً».
وأضافت: «الصور ستساعد العلماء على فهم أعمق لطبيعة الغلاف الجوي للمريخ، وعلاقته بالمجال المغناطيسي للكوكب، وستترتب على ذلك آثار معرفية هائلة، حيث تسهم في دعم نظرية أن العواصف الشمسية ليست السبب الوحيد في حدوث الشفق بالمريخ».
وتُظهر الصور – التي تم التقاطها بوساطة المقياس الطيفي بالأشعة فوق البنفسجية «EMUS»، الذي يحمله المسبار على متنه – وهجاً يعرف باسم «الشفق المنفصل»، تتتبع أنماطه المعقدة المناطق التي تعمل فيها المجالات المغناطيسية غير المنتظمة التي تنتجها المعادن الممغنطة الموجودة على سطح المريخ، علماً بأن هذا التأثير للحقول المغناطيسية للمريخ يعد سمة فريدة للكوكب الأحمر، حيث إنه، على عكس الأرض، لا يمتلك مجالاً مغناطيسياً شاملاً تولده نواة الكوكب، واللافت أن المقياس الطيفي بالأشعة فوق البنفسجية EMUS، وهو الجهاز العلمي الأكثر دقة واستجابةً للأشعة فوق البنفسجية حول كوكب المريخ، قادر على رصد وتصوير هذه التفاعلات الشفقية بتغطية شاملة ودقة عالية، وعبر مجموعة واسعة من الأطوال الموجية، ما يوفر فرصة غير مسبوقة لرصد ومتابعة تفاعل الغلاف الجوي مع الأنشطة الشمسية.
في حين أوضحت الدراسات السابقة نظرية ارتباط الشفق المنفصل بالمجال المغناطيسي للمريخ، وتوافقت الملاحظات والبيانات العلمية السابقة لهذا الارتباط، إلا أن هذه الظاهرة لم يتم تصويرها بهذه الجودة وهذه التغطية سابقاً.
وقال خبير الغلاف الجوي العلوي للمريخ العضو في الفريق العلمي لـ«مسبار الأمل»، جاستن ديغان: «لقد استطعنا خلال 10 دقائق من هذه الملاحظات العلمية من (مسبار الأمل)، تأكيد نظريات علمية لشفق المريخ، التي اكتُسبت على مدار 10 سنوات، وتؤكد البيانات التي نلتقطها الآن الإمكانات الهائلة التي نمتلكها لاستكشاف شفق المريخ، والتفاعلات بين مجالات المريخ المغناطيسية وغلافه الجوي والأنشطة الشمسية، بقدر من الدقة لم تكن ممكنة من قبل، ومن المفرح أن هذه الملاحظات العلمية ستسهم في الحصول على استنتاجات علمية تتجاوز الأهداف العلمية لمشروع الإمارات لاستكشاف المريخ».
ويعد المقياس الطيفي بالأشعة فوق البنفسجية أحد الأجهزة الثلاثة الموجودة على متن «مسبار الأمل»، وتتضمن المهمة الرئيسة لهذا الجهاز قياس الأوكسجين وأول أكسيد الكربون في غلاف المريخ الحراري، وتوزيع الهيدروجين والأوكسجين في الغلاف الخارجي.
وكان أعضاء الفريق العلمي لـ«مسبار الأمل»، الذين عملوا سابقاً على مشروع «مسبار مافن»، قد أدركوا إمكانية استخدام المقياس الطيفي بالأشعة فوق البنفسجية لـ«مسبار الأمل» لالتقاط جوانب جديدة من ظواهر شفق المريخ، لكن نتائج الرصد المبكرة تجاوزت التوقعات.
وتوجد حول كوكب المريخ ثلاثة أنواع من الأشفاق، هي: الشفق المنتشر «Diffuse Aurora» الذي تتم ملاحظته خلال العواصف الشمسية الشديدة، التي تحتوي على جزيئات عالية الطاقة تتفاعل مع الغلاف الجوي للمريخ، وتتسبب في إضاءته بأكمله، وعلى عكسه الشفق المنفصل «Discrete Aurora» الذي يوجد بشكل محلي في الكوكب وليس على الكوكب بأكمله، كما أشارت الملاحظات السابقة له التي ترجح نظرية ارتباط مكان وجوده بشكل مباشر بالحقول المغناطيسية غير المنتظمة، التي تنتجها المعادن الممغنطة الموجودة على سطح المريخ، وقد تم رصد كلا الشفقين في الجانب المظلم (الليلي) من المريخ، بينما تم رصد النوع الثالث من الأشفاق «الشفق البروتوني» في الجانب المضيء (النهاري) من المريخ، وهو ينتج عن تفاعل بين الطاقة الشمسية والهيدروجين في الغلاف الجوي العلوي للمريخ، وللعلم فقد تم تحديد هذه الأنواع الثلاثة من الأشفاق القطبية سابقاً بوساطة أجهزة مطياف الأشعة فوق البنفسجية، على متن مسبارَي «مافين» و«مارس إكسبريس»، لكن الصور عالية الجودة بتغطيتها الجغرافية للشفق المنفصل، التي وفرها «مسبار الأمل»، تعد غير مسبوقة كونها تمد العلماء ببيانات لم يتم توافرها من قبل.
وقالت المطروشي إن أشفاق المريخ تستقطب اهتمام المجتمع العلمي الدولي، لما يترتب على دراستها المتعمقة من آفاق واسعة أمام الأبحاث العلمية، التي ستسهم في توسيع فهمنا للغلاف الجوي للمريخ، وتفاعله مع الكوكب ومع انبعاثات الطاقة الشمسية.
55 ساعة
يدور «مسبار الأمل» حول المريخ مرة كل 55 ساعة، في مداره العلمي المخطط له، الذي يراوح بين 20 ألفاً و43 ألف كيلومتر، بدرجة ميل مداري تبلغ 25 درجة، ويغطي بشكل كامل، كل تسعة أيام، كوكب المريخ، في مهمة تستمر لمدة سنة مريخية كاملة (تعادل عامين أرضيين)، لرسم صورة كاملة عن الغلاف الجوي لكوكب المريخ.
رؤية شاملة
يقوم مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ (مسبار الأمل) بدراسة الغلاف الجوي للمريخ، والعلاقة بين الطبقتين العليا والسفلى فيه، وسيوفر للعلماء والباحثين والمهتمين بعلوم الفضاء ودراسة الكواكب، أول رؤية شاملة للغلاف الجوي للكوكب الأحمر في أوقات مختلفة، وطوال المواسم المختلفة للمريخ، وفي هذه المرحلة يهدف المشروع إلى الإسهام بشكل كبير في تعميق فهمنا للأشفاق القطبية للمريخ.