الامارات | اخبار البيئة
لطالما عرفت دولة الإمارات بتاريخها العريق الذي كشفت عنه الحفريات الأثرية بوجود إرث من الحضارات القديمة التي واكبت تاريخ المنطقة وساهمت في تراثها الإنساني، بدءاً مما يُعرف بالعصر الحجري القديم، مروراً بالعصر البرونزي في المنطقة وحتى نهاية العصر الحديدي، وثمة ما يدعم هذا الإرث، وهو وجود المحميات الطبيعية في الإمارات، بفضل موقعها الجغرافي الاستراتيجي الذي جعلها من أهم نقاط التراث الطبيعي في المنطقة على مر العصور، مما أدى بطبيعة الحال إلى مساهمتها في تحقيق التوازن البيئي للنظم الأيكولوجية والموائل الطبيعية والكائنات الحية، وتوفير ملاذات آمنة للأنواع البرية والبحرية المعرضة والمهددة بالانقراض على أرضها. وتحفل 49 محمية طبيعية ممتدة على مساحة 20 ألفاً و18 كيلومتراً مربعاً، ومتوزعة ما بين
3 محمية برية مساحتها 13 ألفاً و69.8 كيلومتر مربع، و16 محمية بحرية بمساحة 6 آلاف و948.4 كيلومتر مربع، بمجموعة من الكائنات الحية على أرضها لتضاف إلى تراث دولة الإمارات، مؤرخةً بذلك مراحل مهمة من تاريخها وارثها الطبيعي، لتميزها بتنوع مكونات الحياة الفطرية فيها على مر العصور.
كما زاحمت بعض مواقع المحميات الطبيعية المسموح بدخول الزوار إليها، مراكز التسوق ومناطق الجذب السياحية الرائدة في الدولة، في استقطاب نسبة كبيرة من السياح العاشقين للبيئة ومن سكانها، حيث ساهمت العديد من العوامل في تعزيز جاذبية تلك المناطق وتنامي الطلب على زيارتها، ومن أهمها تطوير ورفع كفاءة الطرق الرئيسية المؤدية والمحيطة بمواقع المحميات ومشاريع رفع كفاءة الخدمات المقدمة على أرضها.
وتوفر المحميات الطبيعية فرصة ذهبية لتنويع مصادر السياحة في دولة الإمارات، كالسياحة البيئية، واستمرارية الطلب السياحي البيئي في معظم أوقات السنة، الأمر الذي استدعى إلى جانب العناية بها، عناية لا تقل أهمية بالجانب الخدمي والتطويري، وخير دليل على ذلك تزايد الاهتمام بالمحميات الطبيعية فيها على مدار السنوات الماضية، حيث وصلت نسبة المساحة الإجمالية للمحميات الطبيعية في عام 2020 إلى ما يزيد على 15.5 بالمئة من إجمالي مساحة الدولة، لتعزز بذلك مكانتها في مجال الاهتمام بالمحميات الطبيعية وتنميتها.
مؤشر الأداء البيئي
ويأتي تصدر دولة الإمارات خلال العام المنصرم (2020) المركز الأول عربياً والـ42 عالمياً في تقرير مؤشر الأداء البيئي، انعكاساً لجهودها الكبيرة وتأثيرها في المؤشرات الدولية، لاسيما المؤشرات الفرعية للأداء البيئي، وحيوية النظام البيئي المتعلق بخدمات النظم البيئية ومؤشر المحميات، حيث حققت الهدف الدولي المتعلق بالمحميات الطبيعية بواقع 17% محميات برية و10% محميات بحرية، إضافة إلى جهودها في مجال المحافظة على الأنواع المهددة بالانقراض وإكثارها وإطلاقها في بيئاتها الطبيعية، وإعادة تأهيل المناطق المتضررة من خلال استزراع الأشجار، والمحافظة على الغطاء النباتي الطبيعي.
أبوظبي
كانت إمارة أبوظبي في المرتبة الأولى من حيث عدد المحميات الطبيعية والتي تضمنت 19 محمية برية وبحرية تبلغ مساحتها الإجمالية 18 ألفاً و289.1 كيلومتر مربع أي ما يعادل 91.2 بالمئة من إجمالي مساحة المحميات الطبيعية على مستوى الدولة، وتضم الإمارة 13 محمية طبيعية برية، هي: المزموم، والحبارى، والمها العربي، وقصر السراب، والبدعة، والطوي، وبدع هزاع، وبرقا الصقور، والرملة، وبو الدبسة، والدلفاوية، وجبل حفيت، ومحمية الوثبة التي تُعد من أشهر المحميات البرية في إمارة أبوظبي، وتبلغ مساحتها الإجمالية 4.5 كم2، وأعلنت في عام 2013 محمية أراضٍ رطبة ذات أهمية عالمية (موقع رامسار)، وتُعد موئلاً لتكاثر طائر (الفلامنغو) والطيور المهاجرة، والجوارح وأنواع من اللافقاريات والثدييات والزواحف، وغيرها الكثير من الكائنات.
وعلى صعيد المحميات البحرية، فإن إمارة أبوظبي تضم 6 محميات، هي: السعديات، ورأس غناضة، وبوالسياييف، والقرم الشرقي، ومحمية مروح، والياسات التي تبلغ مساحتها الإجمالية 2256 كم2، وأعلنت في 2005 واحدة من المحميات البحرية التي تتميز بأهميتها البيئية، وتوفر مواطن حساسة من الشعاب المرجانية والأعشاب البحرية والشواطئ الرملية، وتؤوي أعداداً كبيرة من الحيوانات البحرية المهددة بالانقراض، مثل أبقار البحر والسلاحف الخضراء، وتضم مستعمرات لتكاثر طائر الغاق السوقطري وغيرها.
الشارقة
احتلت إمارة الشارقة المرتبة الثانية من حيث عدد المحميات الطبيعية، والتي بلغت 14 محمية، منها 12 محمية برية هي محميات البردي، والمدينة، والظليمة، والفاية، وحزام غابات المنتثر، ومليحة، وجبل محيص، ومسند، وشنوف، ووادي قرحة، ووادي الحلو، ومحمية واسط التي تبلغ مساحتها 0.8 كم2، وأعلنت في عام 2007 كواحدة من أهم المحميات البرية، وتشمل مناطق السبخات والمستنقعات وتزخر بتنوع بيولوجي كبير يشمل التنوع الحيواني والنباتي.
على صعيد المحميات البحرية، فإن إمارة الشارقة تضم محميتين بحريتين هما محمية أشجار القرم والحفية، ومحمية جزيرة صير بونعير، التي تبلغ مساحتها 39 كم2، وأعلنت في عام 2000 كمحمية بحرية، وتم إدراجها ضمن محميات الأراضي الرطبة ذات الأهمية العالمية «رامسار» خلال عام 2013، وتضم الطيور المهاجرة والسلاحف البحرية المهددة بالانقراض، والشعاب المرجانية والأسماك كالهامور والشعري والكنعد وغيرها.
دبي
احتلت إمارة دبي المرتبة الثالثة من حيث عدد المحميات الطبيعية، والتي بلغت 8 محميات طبيعية، منها 6 محميات برية تشمل محميات حتا، وجبل نزوى، والوحوش الصحراوية، والمرموم الصحراوية، والغاف بنزوى، ومحمية دبي الصحراوية التي تبلغ مساحتها 226 كم2، وتم إعلانها في عام 2014 كمحمية برية، وتزخر بالعديد من النباتات الصحراوية كالغاف والسمر بالإضافة إلى العديد من الزواحف، مثل الثعابين والسحالي والحيوانات البرية مثل المها العربي وغيرها.
وعلى صعيد المحميات البحرية، فإن إمارة دبي تضم محميتين بحريتين، هما محمية رأس الخور للحياة الفطرية ومحمية جبل علي الطبيعية التي تبلغ مساحتها 76.68 كم2، وتم إعلانها كمحمية بحرية في عام 1998، وتضم العديد من الشعاب المرجانية وموطناً لسرطان البحر والرخويات والأسماك وأشجار القرم والطيور المهاجرة، مثل النحام الكبير والفلامنغو والعقاب النسري وأنواع النورس وخطاف البحر وغيرها الكثير.
الفجيرة
احتلت إمارة الفجيرة بالمرتبة الرابعة من حيث عدد المحميات الطبيعية، وتضم 5 محميات، منها 4 محميات بحرية هي العقة، وضدنا، والبدية، وجزيرة الطيور التي تبلغ مساحتها 1.44 كم2، وتم إعلانها محمية بحرية في عام 1995، وتستقطب الطيور المهاجرة والجوارح كالصقور وأنواعاً من طيور النورس ومالك الحزين وغيرها، ومحمية واحدة برية وهي محمية وادي الوريعة التي تبلغ مساحتها 224 كم2، وأُعلِنت محمية طبيعية برية في عام 2010، وتضم العديد من أنواع من الثدييات التي تعيش على اليابسة والزواحف والطيور والبرمائيات المسجلة وغيرها.
عجمان ورأس الخيمة
جاءت إمارة عجمان بالمرتبة الخامسة من حيث عدد المحميات الطبيعية، وتضم محميتين هما محمية الزورا البحرية وتبلغ مساحتها 1.9 كم2، وأُعْلِنت في عام 2004 محمية طبيعية بحرية، وتكثر فيها أشجار المانجروف، وتحتوي على مجموعات هائلة من الأسماك والشعاب المرجانية والطيور المختلفة، مثل الفلامينغو والبلشون الرمادي والبلشون الأبيض وغيره، ومحمية النسيم البرية، وتبلغ مساحتها 0.395 كم2، وأعلنت في عام 2012 كمحمية طبيعية برية، وتحتوي على الأنواع النباتية مثل أشجار السمر وأنواع من الطيور والثدييات والزواحف وغيرها، في حين جاءت إمارة رأس الخيمة بالمرتبة السادسة من حيث عدد المحميات، حيث تضم محمية واحدة متمثلة بخور المزاحمي البحرية، والتي تمتد على طول 3 كم2 وتم إعلانها في عام 2018 كمحمية طبيعية بحرية، وتعد موئلاً للعديد من الأنواع ذات الأهمية البيئية العالية، منها طائر النحام «الفلامينجو» ونسر السمك والسلاحف الخضراء المهددة بالانقراض وغيرها.
الأراضي الرطبة
بلغ إجمالي مساحة الأراضي الرطبة ذات الأهمية العالمية «رامسار» على مستوى الدولة والموزعة على 10 مواقع، (391.65) كيلومتراً مربعاً في عام 2020، حيث تصدر موقع محمية «بوالسياييف» في أبوظبي المرتبة الأولى من ناحية المساحة بواقع (145.04) كيلومتر مربع، وتلاها موقع محمية «وادي الوريعة» في الفجيرة من حيث المساحة بواقع (127.00) كيلومتراً مربعاً، ثمّ موقع محمية «جزيرة صير بونعير» في الشارقة بواقع (49.64) كيلومتراً مربعاً، ومحمية «حتا الجبلية» في دبي بواقع (21.00) كيلومتراً مربعاً، و«محمية جبل علي البحرية» في دبي بواقع (20.02) كيلومتر مربع، ومحمية «أشجار القرم» في مدينة كلباء بالشارقة بواقع (14.94) كيلومتراً مربعاً، ومروراً بـمحمية «رأس الخور للحياة الفطرية» في دبي بواقع (6.20) كيلومتراً مربعاً، ومحمية «الوثبة» في أبوظبي بواقع (5.00) كيلومتر مربع، ومحمية «الزوراء» في عجمان بواقع (1.95) كيلومتراً مربعاً، وانتهاءً بمحمية «واسط» في الشارقة بواقع (0.86) كيلومتراً مربعاً. وجاء حرص الدولة على هذه المواقع، نظراً لإدراكها لما تحمله الأراضي الرطبة من الفوائد والاستخدامات، منها إعادة تغذية المياه الجوفية وتوفير إمدادات المياه العذبة وتوفر الاستقرار للسواحل والشواطئ من خلال الحماية من العواصف والفيضانات، وتعتبر هذه الأراضي موائل للطيور المهاجرة وللأحياء البرية البحرية الأخرى، وتشكل مصدراً للمنتجات الزراعية والأخشاب ومواد البناء الأخرى، وتوفر استقراراً للظروف المناخية المحلية، من حيث هطول الأمطار ودرجة الحرارة، بالإضافة ارتباطها بالتراث الثقافي في العديد من البلدان ويمكنها تعزيز السياحة البيئية