دبي | المرصد | متابعات
ودعت الإمارات فقيدها المغفور له الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم الذي انتقل إلى جوار ربه صباح اليوم الأربعاء عن عمر ناهز الـ 76 عاما سطر خلالها مسيرة حافلة بالعمل الوطني المخلص والعطاء لأبناء شعبه والإنسانية جمعاء.
وواكب المغفور له الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم مراحل تطور دولة الإمارات، وأسهم في بناء مسيرتها التنموية، إذ يعتبر، رحمه الله، أحد رواد وحدتها، وتأسيس حاضرها ومستقبلها، ورجل دولة ترك بصمة جلية في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والرياضية في الإمارات، وقد امتازت شخصيته بالحنكة والقيادة الاستثنائية في مجمل الأحداث والمناصب التي تقلدها طوال حياته.
ولد طيب الله ثراه في عام 1945، وهو الإبن الثاني للشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، وشغل رحمه الله منصب وزير المالية منذ التشكيل الأول لمجلس الوزراء في 9 ديسمبر 1971 ولغاية وفاته، وعُرف عنه اهتمامه بالأعمال الإنسانية، وشغفه بالثقافة والآداب والتطورات العلمية، وحرصه على التنمية البشرية المستدامة في بيئة عالمية مستقرة ترتكز على الحوار والشراكة.
وترأس المغفور له العديد من الهيئات والمؤسسات الحكومية رفيعة المستوى والتي تلعب دوراً حيوياً في دعم الاقتصاد وسوق العمل في دولة الإمارات وفي إمارة دبي، ومن أهمها: بلدية دبي، وهيئة آل مكتوم الخيرية، ومركز دبي التجاري العالمي، وشركة الإمارات الوطنية للبترول، وشركة دبي للغاز الطبيعي، وشركة دبي للألمنيوم، وشركة الإمارات الوطنية للمنتجات النفطية، ومركز تجهيز حقول النفط.
وحصل الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم عام 2006 على 3 شهادات فخرية من الكلية الملكية البريطانية، حيث مُنح شهادة الزمالة الفخرية للكلية الملكية البريطانية للأمراض الباطنية بلندن، وشهادة الزمالة الفخرية للكلية الملكية البريطانية للأمراض الباطنية بأدنبرة، وشهادة الزمالة الفخرية للكلية الملكية البريطانية للأمراض الباطنية والجراحة بجلاسكو.
وعرف عن الراحل الكبير تمتعه بنعمة العطاء ورعاية الإنسان حيث كان ولاسيما في المناطق الفقيرة والمهمشة، وهو الأمر الذي دفع القمة السنوية للاتحاد الأفريقي في عام 2009 لتخصيص جلسة لتكريم هذا الرجل الاستثنائي، والاحتفاء بأياديه البيضاء، حيث حضر في تلك الجلسة ما يقارب خمسين رئيس دولة توافدوا ليذكروا للرجل السيل الفياض من مكارمه في بلادهم، التي يسرت بفضل الله سبل الصحة والتعليم أمام عشرات الآلاف من الفقراء، وأتاحت تغييرات تاريخية على المستوى الاجتماعي والتعليمي والاقتصادي.
ولم تقف الأيادي البيضاء للمغفور له عند حدود القارة الافريقية بل تجاوزتها إلى كافة أصقاع الأرض، ففي أوروبا وأميركا وأستراليا، دأب رحمه الله على تقديم الدعم للمسلمين الجدد والجاليات المسلمة، سواء بإعمار بيوت الله، وتوفير المصاحف والكتب والدورات التثقيفية والأئمة والخطباء، وتأسيس مدارس خاصة للجاليات، لتعليم أبنائها تعاليم الشريعة السمحة.
وتنوعت عطاياه، لتشمل إقامة القرى الخاصة بالأقليات المسلمة في آسيا، وتوفير التدفئة ومحطات الطاقة ورعاية ضحايا الكوارث الطبيعية والمهجرين، ودعم مدارسهم ومساجدهم، وتوفير منح دراسية عليا للمتفوقين منهم، بالإضافة لبرامج الإغاثة ودعم الصائمين في رمضان وتفويج الحجاج.
وأمر “طيب الله ثراه” بإقامة العديد من المشروعات في عدة دول عربية، تشمل الخدمات الطبية والصحية والتعليمية، وبناء المساجد والمدارس والمستشفيات والمراكز الحرفية والمهنية ومراكز تحفيظ القرآن الكريم، وحملات الإغاثة والمساعدات الإنسانية للأسر والعائلات المحتاجة، وكفالة الأيتام ومشاريع إفطار الصائم، وأضاحي العيد والحقيبة المدرسية وغيرها.
وعلى الصعيد المحلي فإن المساعدات التي قدمتها “هيئة آل مكتوم الخيرية” بقيادة المغفور له الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم شكلت إضافة كبيرة للعمل الإنساني داخل الدولة حيث طالت مساعدات الهيئة الأسر المتعففة وكفالة الأيتام ومشاريع إفطار الصائمين وتسيير حملات الحج والحقيبة المدرسية ومراكز أصحاب الهمم وغيرها من الفئات والجهات.
وللراحل الكبير تجربة فريدة في مجال دعم التعليم على كافة المستويات وذلك من خلال “جائزة حمدان للأداء التعليمي المتميز” التي انطلقت منذ عام 1998، وحتى اليوم، لتتحول الجائزة بفضل دعم راعيها إلى أكثر جائزة تكافئ الإبداع التعليمي على مستوى العالم خاصة بعد أن أطلق رحمه الله جائزة حمدان – اليونسكو العالمية، كمبادرة مشتركة بين جائزة حمدان بن راشد التعليمية ومنظمة اليونسكو العالمية، لمكافأة الممارسات والجهود المتميزة لتحسين أداء المعلمين.
وفي السياق ذاته أسس طيب الله ثراه في تنزانيا في عام 2010، كلية آل مكتوم للهندسة والتكنولوجيا، حيث تضم الكلية تخصصات الهندسة الكهربائية والتكنولوجيا وتقنية المعلومات، كما بادر إلى تأسيس كلية آل مكتوم للدراسات الإسلامية والعربية بإسكتلندا، التي تخرج الطلاب من دول عديدة في كثير من التخصصات.
وقدم المغفور له دعما سنويا ثابتا لجامعة أفريقيا العالمية، تقديرا للدور الذي تقوم به في مجال التعليم العالي في أفريقيا، واستقطاب الطلاب من خريجي مدارس الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم في أفريقيا، ومنها السودان، كما يعد رحمه الله الداعم الرئيس لصندوق رعاية الطفولة الفلسطينية، الذي يتولى تقديم الخدمات الطبية والإنسانية لأطفال فلسطين داخل فلسطين وخارجها.
وللراحل الكبير بصمات واضحة في دعم القطاع الصحي على المستوى المحلي والدولي وذلك من خلال جائزة الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم للعلوم الطبية التي تعد إحدى أبرز الجوائز الطبية في العالم، إذ تسعى إلى تحفيز الطواقم الطبية لتوفير أسمى الخدمات الطبية، وذلك عن طريق تكريم العلماء الذين يساهمون في الخدمات الطبية في جميع أنحاء العالم، كما تدعم الجائزة البحث العلمي في المجال الطبي وقد أثبتت نجاحاً باهرا في هذا الصدد بشهادة العديد من الخبراء والمختصين في الطب.